بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني ــ
قـرأتُ مقالاً في صفحة الأستاذ Benjamin Haddad يعـتـز به ، نـقـله عـن كاتب آخـر آثـوري ، مما شجّـعـني إلى كـتابة مقالي هـذا موَجّـهاً إليه بالـدرجة الأولى . وبالمناسبة الأستاذ Benjamin Haddad الألـقـوشي ، يـدّعي بأنه بعـيـد عـن التـلـويح بالمشاعـر الـقـومية لكـنه يُـمَـجّـد الآثوريـيـن ولا ذِكـر للـكـلـدان في كـتاباته ، وهـو حـر . وإذا شعـر بالإنـزعاج من مقالي فأنا أعـتـذر .
مقـدمة :
[[ لقـد شـنّ الملك تغـلات بلاصر حـملات عـسكـرية عـلى بابل ( 731 ق. م ) ، ( 728 ق. م ) ورحّـل مِن سكـّانها الكلدانيّـين ( 155 ألف فـرد ) أسرى حرب إلى دياره وسار عـلى خُـطاه الملك سرجـون الذي قام بحـملة ضد الكلدان ( 710ق.م ) فـرحّل ( 16490 فـرد ) منهم أسرى أيضاً . وفي سنة (707 ق. م ) أسَـرَ الملك نفسه ( 90800 فـرد ) تلتها حـملة أخـرى وأسر( 20800 فـرد ) من الكـلدان كما تـُـثـبت الألواح الطينية في المتحـف البريطاني . وهـناك سبب آخـر أدى إلى إنـتـشار الشعـب الكلداني في المناطق الشمالية ألا وهـو سقـوط الإمبراطورية الآشورية عـلى يد الكـلدانيـين سنة ( 625 ق. م ) ، فالدولة المنـتصرة تبعـث بجـيوشها وإداريّـيها لبسط نفـوذها وتـنـفـيذ قـوانينها وهـيمنة حُـكـْمها عـلى أرض الإمبراطورية ــ المنكـسِرة ــ مما جـعـل الكـلدانيون ينـتقـلون ويلتقـون أبناء جـلدتهم وينـتشرون في شمال العـراق ]] ………. كما أنّ الملك سـنحاريب يَـسـبي ( 208 ألف ) من الكـلـدان إلى أراضي الإمبراطورية الآشـورية.
والآن مع الأستاذ العـزيز :
كـيف يمكـن الجـزم بأن الآشوريين هـم الذين سكـنوا ألقـوش للمرة الأولى ؟ ولماذا لا يكـون الكـلدانيّـون الأسرى ؟ هـل مِن مانع ؟ ولطالما أن النبي ناحـوم يهـوديّ من عائلة تـنبع من اليهـود الذين أسِـروا وعاشوا سنيناً طويلة مع الكـلدانيّـين وتآلفـوا معهـم وتعـلـّـموا عاداتهـم وتقاليدهـم ، فـهُـم أقـرب إليهم مِـن أن يكـونوا مع الآشوريين ، وهـل مِـن غـرابة إذا عـبد الكـلدان الوثـنيّون الإله مردوخ أم سـين أو صاد ؟ عـلماً أن آشور ( الثورالمجـنـّـح إله الآشوريّـين ) يعـني ــ ثور ــ باللغة البابلية ! ثم آمن الجـميع بالمسيح فـصاروا مسيحـيّـين . كم كان بودّي أن تبـيِّـن لنا مصير الأسرى الكـلدان المشار إليهم .
ونـضيف :
ليس ممكـناً لأحـد ( مِن أية قـومية كانت ) أن يدّعي قائلاً : أنا نقي من أب نقي عِرقاً ومِن أم صافـية جـذراً ومِن قـوم لم تـَـشـُـبْه شائبة أصلاً ، وإنّ حـواسي الخـمسة لا تلتقـط ولا تحـسّ إلّا ما هـو لأبناء جـلدتي مِن قـوميّـتي ، لأن مثـل هـذا الإدّعاء مخالف للواقـع الملموس والمنظور ، فـما الذي بقي يا تُـرى ؟ بقي لدينا هـذا التراث الخالد الذي ورثـناه مِن أجـدادنا مطـرّزاً بلغـتـنا الجـميلة مضافاً إليه مشاعـر الفـرد الجـيّاشـة ( وهي الأهـم في يومنا هـذا ) التي تجـعـله يرفـع صَوته قائلاً : أنا أنـتمي إلى هـذه القـومية .
هـؤلاء هـم الكـلدان في ( ألقـوش ، زاخـو، تلكـيف ، أومْرا ، يردا ، شـيّوز ، دهـوك ، بطنايا ، شقـلاوه ، عـنكاوه ، بيدارو ، داؤودية ، برطلة ، بيرسـﭭـي ، كـرملش ، مَـنـﮔـيش ، وفي كل زاوية من بلاد بـيث نهـرين وخارجه ) ، جاؤوا من أور وبابل إلى شمال بـيث نهـرين . ولكي نكـون نـُجـباء نقـول بوضوح وصفاء ، إنّ الكـداني الذي لا يشعـر بالإنـتماء ، لا يُطلب منه الولاء ، لهـذه القـومية المعـطاء .
فـخـرنا :
ألقـوش ماسَة الدهـر وماؤه العـذبُ ، قـلعة فـيها الشجاعة والصُـلـْـبُ ، مركـز يشعّ منه الإيمان والحـبُّ ، هي الشـُعـراء والأدبُ ، يليق بها الإسم الرفـيع واللقـبُ ، فهي مركـز ثـقـل الأمة والعـجـبُ ، والكـلـدان شعـبها الطـيْـبُ ، ومَن لا تــُسِـرُّه كـلماتـنا فـليكـتب ما يكـتبُ .
ألقـوش درّة الـزمان وعـصيره النخـبُ ، منارة فـيها الـبـهاء والذهـب ، بـؤرة تـشـعّ منها لهـفات الشوق والرحـب ، هي العـلم والتأريخ والنجـبُ ، يليق بها الـتعـظـيم الـبـديع والرتـب ، فهي نـواة الأمة والنسـبُ ، والكـلـدان أبناؤها الخـصبُ ، ومَن لا تــُـسِـرُّه كـلماتـنا فـلـيـلهـث ويلهـث .